ما هي عوامل قيام الحضارة المصرية القديمة

تعتبر الحضارة المصرية القديمة واحدةً من أول الحضارات في العالم وأشهرها، ويرجع تاريخها إلى العام 3100 قبل الميلاد، عندما تمّ توحيدها، وقد اشتملت تأثيرات هذه الحضارة على الجوانب الثقافية والاقتصادية في مختلف أرجاء منطقة شمال أفريقيا، وأجزاءٍ من بلاد الشام، ومن الأمور التي اشتهر بها المصريون القدماء بناء المعابد والقصور وغيرها من الصروح المعمارية، والتي تضمنت رسوماتٍ تمثل أنشطتهم اليومية، وتفاصيل حياتهم،^[١][٢] أما عن العوامل التي ساهمت في قيام الحضارة المصرية القديمة، ففي العناوين التالية من هذا المقال، نستعرض أهم تفاصيلها:

نهر النيل

لعب نهر النيل دورًا محوريًا في قيام الحضارة المصرية القديمة؛ فهذا النهر كان بمثابة شريان الحياة، الذي بث الحياة في صحراء مصر، وقد اعتمدت جميع جوانب الحياة في مصر على نهر النيل؛ إذ كان مصدرًا للغذاء، والعديد من الموارد المهمة، كما اعتُمد عليه في الزراعة، وفي غايات التنقل والسفر، حيث كان نهر النيل يتدفق باتجاه الشمال، من شرق ووسط أفريقيا، باتجاه البحر الأبيض المتوسط، وعلى طول مسافة تبلغ 6694 كيلومترًا تقريبًا، وكان النهر يزود مصر القديمة، ذات الطبيعة الصحراوية، بمياه الري، وبالتربة الخصبة، كما كان يُعتمد عليه لنقل المواد لاستخدامها في أعمال البناء، لتساهم جميع هذه العوامل، ذات الصلة بالنهر، في قيام المدن ونشأتها وسط الصحراء، زيادة على ذلك، كان لنهر النيل تأثيرٌ واسع النطاق على تشكيل ثقافة وديانة المصريين القدماء، وساهم أيضًا في تقدمهم وتطورهم، وذلك من خلال دفعه سكان مصر، الذين كانوا يقطنون على ضفافه قديمًا، إلى تطوير طرقٍ تُمكنهم من التعامل مع الفيضانات السنوية للنهر، علاوةً على تطويرهم تقنيات ومهارات جديدة، مثل بناء السفن والقوارب، ومهارات أخرى متعلقة بالأنشطة الزراعية.^[٣][٤]

الموقع الاستراتيجي

امتازت مصر القديمة بموقعها الجغرافي المتميز، والواقع في شمال شرق قارة أفريقيا، وبتقسيمها الجغرافي التي يشتمل على أربع مناطق، وهي وادي النيل، والدلتا، والصحراء الشرقية، والصحراء الغربية، بالإضافة إلى إطلالها على بحرين، وهما البحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط، وهذه الميزة ساهمت في مد جسور التواصل مع المناطق الجغرافية الأخرى القريبة من مصر، كما ساهمت في تنشيط الحركة التجارية، علاوةً على ذلك، ترتبط بعض جوانب ميزة الموقع الجغرافي لمصر القديمة، والتي ساهمت في قيام حضارتها، بنهر النيل هي الأخرى،^[٤] فبسبب موقع نهر النيل في مصر، كانت التربة الخصبة تترسب على أراضيها بعد انحسار النهر عقب فيضانه السنوي، وحققت هذه التربة الأمن الغذائي للمصريين؛ الأمر الذي سمح لهم بتكريس أوقات كافية في سبيل تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات، أضف إلى ذلك، أنّ وراء الأراضي الخصبة الواقعة على ضفاف النيل، تقع صحارى شاسعة، وقد كانت هذه الصحارى بمثابة حاجز حمايةٍ طبيعي، وفر للحضارة المصرية الأمن، وحماها من أطماع الغزاة، الذين كانوا يرغبون باحتلال أراضيها.^[٥][٦]

تنوع المناخ

بالنسبة لدور المناخ في قيام الحضارة المصرية القديمة؛ فأرض مصر تتسم بمناخٍ يكون ممطرًا ومعتدل الحرارة في الشتاء، ويكون جافًا وحارًا في الصيف، وبفضل تنوع المناخ، ساهم ذلك في نمو المحاصيل الزراعية بوفرة، بالإضافة إلى تنوعها، بالإضافة إلى ذلك، أدرك المصريون القدماء تأثير المناخ وتغيراته، طوال العام، على حياتهم، وأدركوا كذلك أهمية الاستعداد لهذه التغيرات، واعتمدوا بشكل أساسي على حالة المناخ والطقس لتقسيم شهورهم، المكونة من 12 شهرًا، يضم كل واحد منها 30 يومًا، كما اعتمدوا عليها أيضًا في تقسيم السنة الزراعية إلى 3 فصول، يتكون كل واحد منها من 4 أشهر، وهذه الفصول هي: آخت (فصل فيضان نهر النيل)، وبرتهو (فصل البذر والزرع)، وأخيرًا فصل شمو (فصل حصاد المحاصيل).^[٧][٨]

الثروات الطبيعية

احتوت أرض مصر القديمة على الكثير من الثروات الطبيعية المتنوعة، والتي ساهمت في قيام حضارتها، ومن الأمثلة على هذه الثروات: الأحجار الكريمة، والذهب، والنحاس، والملح، والكتان، والقصب، والحجر الرملي، وحجر الكلس، والبازلت، والجرانيت، والمرمر، ومن الأمثلة على مساهمات هذه الثروات الطبيعية في ازدهار الحضارة المصرية، الدور الذي لعبته وفرة حجر الكلس في تمكين المصريين القدماء من تجربة مختلف طرق البناء، وتطوير مهاراتهم الهندسية، والتي تشهد لها الصروح والمباني التي ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، والتي تعتبر الأهرامات من أهمها.^[٩][١٠]

الوحدة

امتازت أرض مصر القديمة بوحدتها؛ مما ساهم في اتحاد أقاليمها، وعموم السلام والطمأنينة بين مواطنيها، بالإضافة إلى وقف النزاعات بين مناطقها المختلفة، وقد أدى توحيد مصر القديمة إلى تأسيس أول إمبراطورية في المنطقة؛ الأمر ساهم في انتشار نمط الحياة المصرية في المستعمرات والبلدان القريبة، والموجودة في بلاد ما بين النهرين، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.^[١١][١٢]

الجيش

تولى مهمة حماية مصر القديمة جيش قوي، ولم تقتصر مهام الجيش المصري قديمًا على المشاركة بالحروب، والتصدي للغزاة؛ بل كان أيضًا يُشارك في المهام التجارية، وقد ساهمت جميع هذه الأمور في صون سيادة مصر، وتوسيع نطاق أراضيها، وتجدر الإشارة إلى أنه في عهد المملكة المصرية القديمة، المعروفة أيضًا بعصر بناة الأهرامات، كان يتم دعم الوحدات العسكرية الصغيرة بالمزارعين في أوقات الضرورة، في حين كان يتم إنشاء جيوش خاصة في أوقات عدم الاستقرار الداخلي، وكانت هذه الجيوش تتضمن مرتزقةً غير مصريين، أما في عهد المملكة المصرية الحديثة، المعروفة أيضًا بعصر المجد الحربي، وتحديدًا في عهد الفرعون رمسيس الثاني، فقد أُجريت تحسينات واسعة النطاق في التقنيات والفنون العسكرية.^[١٣]